المجلة الدولية للمنظمة الفلسطينية 

PIOPH

استأنفت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة التي تتناول الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وكانت هذه الدورة قد عقدت لأول مرة في نيسان/أبريل عام 1997.

وجاء قرار رئيس الجمعية العامة لاستئناف الدورة بناءً على طلب من رؤساء المجموعة العربية، مجموعة منظمة التعاون الإسلامي، ومكتب تنسيق حركة عدم الانحياز. بدأت أعمال الدورة في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الأربعاء 4 ديسمبر، على أن تُستأنف في الساعة العاشرة صباحاً من يوم الأربعاء المقبل الموافق 11 ديسمبر.

في مستهل كلمته، صرح رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ أن سكان غزة وإسرائيل قد عانوا لأكثر من عام من دورات متواصلة من الموت والدمار والنزوح. وأكد أن مطالب المجتمع الدولي واضحة، وهو ما تجسد في مشروع القرار الذي قُدم إلى مجلس الأمن في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي أيده 14 من أعضائه، إلا أن أحد الأعضاء الدائمين في المجلس (الولايات المتحدة الأمريكية) عرقل تمريره باستخدام حق النقض (الفيتو).

وأوضح يانغ أن “مجلس الأمن أصيب بالشلل مرة أخرى” وأصبح عاجزاً عن الوفاء بمسؤوليته الرئيسية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وقال: “مرة أخرى تُطالب الجمعية العامة بتولي القيادة في معالجة الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة”.

وأضاف رئيس الجمعية العامة أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن حله من خلال الحروب والاحتلالات المستمرة، وأنه لن يتوقف إلا عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنباً إلى جنب في دولتيهما المستقلتين ذاتا السيادة في سلام وأمن وكرامة.

وأكد يانغ على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات حاسمة وذات مغزى، معتبراً أن “الوقت قد حان لتحقيق حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يستند إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة”.

كما شدد رئيس الجمعية العامة على أهمية احترام جميع الدول للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك الوضع الخاص لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، التي أنشأتها الجمعية العامة لمنحها ولاية دعم للاجئين الفلسطينيين.

وأشار يانغ إلى الدور الحيوي الذي تقوم به الأونروا في توفير الحماية والمأوى والمياه والغذاء والتعليم والخدمات الصحية لملايين الفلسطينيين، وخاصة في غزة، في ظل الظروف الصعبة. وأعرب عن قلقه من التهديد الذي يواجه مستقبل الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة بعد قانونين تم إقرارهما مؤخراً في البرلمان الإسرائيلي، مما قد يمنع الوكالة من أداء مهمتها في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. ودعا حكومة إسرائيل إلى احترام التزاماتها الدولية والسماح للأونروا بالاستمرار في عملها الحيوي.

وقد شهد الاجتماع الذي انعقد اليوم كلمات لـ71 مندوباً، بدءاً من ممثلي فلسطين وإسرائيل، ثم جامعة الدول العربية.

وتجدر الإشارة إلى أن الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة عُقدت لأول مرة عام 1997 بناءً على طلب من الممثل الدائم لقطر لدى الأمم المتحدة، عقب سلسلة من جلسات مجلس الأمن والجمعية العامة التي تناولت بناء مستوطنة هارهوما في جبل أبو غنيم جنوب القدس الشرقية المحتلة.

فلسطين

قال المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن “التطهير العرقي يحدث علنًا في بيت لاهيا وجميع أنحاء شمال غزة”. وأضاف: “في الوقت الذي أقف فيه هنا، تعرضت الأسر النازحة مرة أخرى للقصف في الخيام في المواصي، حيث أحرقوا وهم أحياء أمام أعين العالم أجمع”.

وتابع منصور قائلاً: “بعد 424 يومًا، لا تزال الإبادة الجماعية مستمرة، من القتل الجماعي إلى التهجير الجماعي، الاعتقالات الجماعية، الدمار الشامل للبنية التحتية، والتجويع الجماعي، تُرتكب أشد الجرائم بشاعة بوحشية لم نشهد لها مثيلًا منذ الحرب العالمية الثانية”.

وتساءل عن كيفية استمرار هذه الجرائم رغم المعرفة بالفاعلين ووجود بث مباشر لهذه الأفعال، مشددًا على ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب. وأكد أن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تشكل نقطة تحول لمحاسبة الجناة، مع احترام سيادة القانون، وحماية المدنيين، وضمان العدالة للضحايا.

ودعا منصور جميع الدول إلى استخدام نفوذها لوضع حد لـ “المذابح والفظائع المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني”، والتي وصفها بالهجوم على “إنسانيتنا المشتركة”. كما شدد على أن وقف إطلاق النار الفوري والدائم وغير المشروط هو السبيل الوحيد لوقف “الإبادة الجماعية”، وإنقاذ الأرواح، وتحرير السجناء والرهائن، والحفاظ على الأمل في مستقبل أفضل.

وفي الختام، دعا منصور جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم دعوات وقف إطلاق النار والمطالبة به، والعمل على ضمان تنفيذه بشكل فوري ودائم ودون شروط

اسرائيل

انتقد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عقد الاجتماع والقرارات التي تصدرها الجمعية العامة، ووجه اتهامات للأمم المتحدة بالتحيز ضد إسرائيل. وقال: “دعوني أذكركم كيف بدأ كل هذا. قبل 77 عامًا، صوتت الجمعية العامة على خطة الأمم المتحدة للتقسيم، وهي اللحظة التي قدمت للإسرائيليين والفلسطينيين الفرصة للعيش جنبًا إلى جنب في سلام. إسرائيل قالت نعم، بينما العالم العربي قال لا، ورفضوا التعايش المشترك واختاروا بدلاً من ذلك شن حرب على الدولة اليهودية الوليدة.”

وأضاف دانون أن الجمعية العامة “ظلت مهووسة بالقضية الفلسطينية” منذ ذلك الحين، مؤكدًا أن الأمم المتحدة والعديد من الدول الأعضاء “شجعت” الفلسطينيين على مر العقود على رفض السلام، واختيار العنف والتحريض وخطاب الضحية. وقال إن فرص تحقيق السلام قوبلت من الفلسطينيين بالرفض مرارًا، معتبراً أن “القادة الفلسطينيين اختاروا الصراع في كل مرة، وهذه الجمعية العامة كافأتهم على ذلك.”

وتطرق دانون إلى الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقال إنه لم يكن مجرد يوم من الرعب، بل كشف أيضًا عن الوجه الحقيقي لحركة حماس وحلفائها. وأضاف أن هذه الأهوال كان يجب أن تصدم ضمير العالم، واتهم الجمعية العامة بالصمت تجاه تلك الأحداث.

وأشار السفير الإسرائيلي إلى أن إسرائيل هي “بلد السلام”، وأوضح أن إسرائيل أثبتت التزامها بالسلام من خلال اتفاقيات مع ست دول عربية كانت في حالة حرب معها سابقًا. وأضاف أن إسرائيل عازمة على الدفاع عن نفسها وهزيمة من يسعى لتدميرها، وضمان أمن ومستقبل الإسرائيليين.

الجمعية العامة تعتمد 3 قرارات حول الشرق الأوسط في الدورة التاسعة والسبعين، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة – التي تضم 193 عضوًا – ثلاثة قرارات، اثنان منهم متعلقان بفلسطين والثالث بشأن الجولان السوري.

القرار حول تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية اعتمد بتأييد 157 عضوًا ومعارضة 8 وامتناع 7 عن التصويت. وكررت الجمعية العامة دعوتها لإحلال سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط على أساس قرارات الأمم المتحدة، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، بما في ذلك احتلال القدس الشرقية. وأكدت دعمها لحل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنبًا إلى جنب في سلام وأمن داخل حدود معترف بها على أساس حدود 1967.

القرار الثاني، الذي يتعلق بشعبة حقوق فلسطين في الأمانة العامة للأمم المتحدة، اعتمد بتأييد 101 عضو ومعارضة 27 وامتناع 42 عن التصويت. وأكدت الجمعية العامة أن شعبة حقوق فلسطين تواصل تقديم الدعم الفني للجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه، وتعزز الوعي الدولي بشأن القضية الفلسطينية وضرورة التوصل إلى تسوية سلمية.

أما القرار الثالث بشأن الجولان السوري، فقد حصل على تأييد 97 عضوًا ومعارضة 8 وامتناع 64 عن التصويت. وأكدت الجمعية العامة أن استمرار احتلال إسرائيل للجولان السوري يشكل عائقًا أمام تحقيق سلام شامل في المنطقة، وطالبت إسرائيل بالعودة إلى المفاوضات على المسارين السوري واللبناني، واحترام التزاماتها السابقة، والانصياع لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بانسحابها من الجولان المحتل.