لأول مرة منذ سقوط نظام بشار الأسد، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعه الذي تناول الأوضاع في سوريا، حيث استمع إلى إحاطتين عبر الفيديو من دمشق من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع السوري وهيئة التفاوض.
قام المسؤولان الأمميان بزيارة العاصمة دمشق، حيث أجريا اجتماعات مع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع ورئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير وآخرين.
وأوضح المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسون أن سوريا تمر بـ”واقع جديد تمامًا” بعد سقوط نظام الأسد الذي استمر 54 عامًا. وأكد أن “سوريا هي لكل السوريين”، مشددًا على أهمية أن يكون الوقت الحالي فرصة للسوريين للتقدم وقيادة مستقبلهم.
وأضاف بيدرسون، خلال حديثه عبر الفيديو من دمشق: “الوقت الحالي هو الأنسب لطمأنة جميع السوريين بأن لهم مكانًا واضحًا في المستقبل، وأن هذه الرؤية ستتجسد من خلال ترتيبات انتقالية موثوقة وشاملة”.
كما أعرب بيدرسون عن تعازيه لمئات الآلاف من السوريين الذين فقدوا أحبائهم خلال نحو 14 عامًا من الصراع، مؤكدًا تضامنه مع الملايين الذين عانوا من النزوح والدمار والإساءة. وأعرب عن أمله في أن تتمكن الأسر من معرفة مصير أحبائها المفقودين.
وأشار إلى تواصله مع مجموعة من الفاعلين السوريين، معبرًا عن استماعه لآمالهم ومخاوفهم، وأكد أن هناك شعورًا عميقًا بين السوريين بأن الوضع الجديد يعكس تطلعاتهم المشروعة. لكنه حذر من القلق الذي يعيشه الكثيرون بشأن المستقبل، مشددًا على أن “التحديات هائلة، وإذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح من قبل السوريين والمجتمع الدولي، فقد يتدهور الوضع مرة أخرى”.
كما تطرق بيدرسون إلى التطورات الحالية، بما في ذلك التقارير عن خطة الحكومة الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات في الجولان، مؤكدًا على ضرورة أن توقف إسرائيل جميع الأنشطة الاستيطانية في الجولان السوري المحتل، معتبراً أن هذه الأنشطة غير قانونية وأن الاعتداءات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها يجب أن تتوقف.
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، تحدث مع أسر المعتقلين خارج سجن صيدنايا. وقد أشار إلى التحديات التي تواجه سوريا حاليًا، موضحًا أن “الصراع لم ينته بعد”، وأن هناك احتياجات هائلة نتيجة لتدمير الاقتصاد والبنية التحتية، مما أدى إلى أن يعيش 90% من السوريين في فقر.
وأكد بيدرسون على ضرورة الحفاظ على المسار السياسي الصحيح، محذرًا من أنه في حال عدم تحقيق ذلك، قد تنشأ حالة جديدة من عدم الاستقرار. وأوضح أنه من المهم أن يكون هناك انتقال منظم يحافظ على مؤسسات الدولة ويضمن تقديم الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى إعداد دستور جديد يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتنظيم انتخابات حرة وشاملة لجميع السوريين.
كما ذكر بيدرسون أنه التقى بعدد من النساء السوريات في دمشق، مؤكدًا على أهمية مشاركتهن في عملية الانتقال، مشددًا على أنه بدونهن لا يمكن اعتبار العملية شاملة.
وتحدث عن زيارته لسجن صيدنايا، حيث وصف ما شاهده من زنازين وغرف تعذيب كدليل على وحشية النظام تجاه شعبه. كما ذكر أنه التقى رجلًا أُفرج عنه مؤخرًا، والذي تحدث عن تجربته في التعذيب، وامرأة مسنّة أبدت رغبتها في تحقيق العدالة.
من جهته، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر إن العالم قد خذل الشعب السوري الذي عانى لفترة طويلة، لكنه أشار إلى أن هناك “فرصة تاريخية لتصحيح هذا الخطأ” ودعم أملهم، خصوصًا النساء والفتيات، في مستقبل أكثر سلامًا. وفي كلمته أمام مجلس الأمن من دمشق، أشاد فليتشر بصبر الشعب السوري، وأكد أن تقديم الدعم يتطلب “الصبر والإبداع والتصميم”.