المجلة الدولية للمنظمة الفلسطينية 

PIOPH

خطط إسرائيلية لإخلاء 14 قرية فلسطينية في النقب ضمن استراتيجيات التوسع الاستيطاني

يشكل الفلسطينيون في إسرائيل نحو 20% من إجمالي سكانها، إلا أنهم يعيشون في مساحة لا تتجاوز 3% من أراضي الدولة، نتيجة لسياسات منهجية تنتهجها تل أبيب والتي تهدف إلى حصرهم في مناطق ضيقة، في حين تُمنح الغالبية العظمى من الأراضي لليهود.

في إطار مواصلة السلطات الإسرائيلية سياسة تقييد الفلسطينيين في وسط وشمال البلاد، فإنها تسعى منذ سنوات إلى تجميعهم في صحراء النقب عبر إقامة مدن وبلدات جديدة، بينما تواصل طردهم من قراهم الأصلية.

يبلغ عدد الفلسطينيين في النقب حوالي 320 ألف نسمة، يعيشون في مساحة لا تتجاوز 3% من إجمالي المنطقة. وتعمل السلطات على حصر 60% من فلسطينيي النقب في سبع بلدات و21 قرية، بينما ينتشر البقية في 35 قرية غير معترف بها، ويواجه سكانها حرماناً من أبسط الحقوق الأساسية مثل الماء والكهرباء والنقل والرعاية الصحية والتعليم.

في النقب، أقامت إسرائيل منشآت استراتيجية هامة، من بينها مفاعل ديمونا النووي، بالإضافة إلى قواعد عسكرية وأمنية وجوية، ومراكز تدريب وكليات عسكرية، فضلاً عن السجون ومحطات التجسس. نتيجة لذلك، يواجه حوالي 100 ألف فلسطيني في القرى الـ35 تهديدات دائمة بالإخلاء القسري والهدم.

من بين هذه القرى، أصدرت المحاكم الإسرائيلية أوامر بإخلاء 14 قرية بالكامل، ومنحت السكان مهلة حتى نهاية العام الجاري للرحيل. لكن الفلسطينيين في هذه القرى يرفضون المغادرة، حيث قاموا باستئناف الحكم أمام المحكمة العليا الإسرائيلية.

تعتزم لجنة التوجيه العليا لعرب النقب بالتنسيق مع الفلسطينيين في المنطقة تنظيم فعاليات شعبية للتصدي لمحاولات إسرائيل فرض “التطهير العرقي”، إلى جانب توجيه طلبات للمؤسسات الدولية للتدخل.

تسعى إسرائيل إلى إقامة تجمعات سكانية لليهود مكان سبع من القرى الـ14 المستهدفة، في حين سيتم تنفيذ مشاريع كبيرة على أراضٍ أخرى.

من أبرز القرى المهددة بالتهجير: قرية أم الحيران التي يخطط لتحويلها إلى مستوطنة يهودية، وقرية رأس جرابة التي تهدف إسرائيل من خلالها إلى توسيع أحياء يهودية في مدينة ديمونا، وقرية السرّ التي سيتوسع منها الأحياء السكنية في مدينة بئر السبع. كما تشمل القرى المهددة تل عراد، وكركور، والبقيعة، ووادي الخليل، والباط الغربي، وأم البدون، ووادي عتير.

وبحسب رئيس لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، طلب الصانع، فإن المحاكم الإسرائيلية تُستخدم كأدوات لتنفيذ السياسات الحكومية، وأكد أن هذه السياسات تهدف إلى “التطهير العرقي”، إذ تحاول إسرائيل إخلاء الفلسطينيين من قراهم وتجمعهم في مناطق ضيقة بينما تقوم بتوطين اليهود في المساحات الكبيرة.

وأوضح الصانع أن السلطات الإسرائيلية تواصل سنوياً هدم نحو 2000 منزل للفلسطينيين في النقب. وأشار إلى أن الفلسطينيين سيواصلون معركتهم ضد محاولات التهجير كما فشلوا في إيقاف خطة “برافر” عام 2013، التي كانت تهدف إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين في 40 قرية في النقب.

أكد طلب الصانع أن نضال الفلسطينيين في النقب دفع السلطات الإسرائيلية للاعتراف بـ14 قرية جديدة، بالإضافة إلى سبع قرى كانت معترفًا بها سابقًا. وأعرب الصانع عن ثقته في أن الحراك الشعبي الفلسطيني في إسرائيل سيكون له دور كبير في إفشال مخطط التهجير، مشيرًا إلى أن لجنة المتابعة العربية تعمل على هذا الموضوع بشكل منظم وعلمي.

من جانبه، أكد جمعة زبارقة، رئيس لجنة توجيه عرب النقب، أن 95% من أراضي الدولة مسجلة باسم دائرة أراضي إسرائيل، مما يسهل عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية. وأوضح زبارقة أن الصراع مع الحركة الصهيونية يتمحور بشكل أساسي حول الأرض قبل أن يتخذ بعدًا دينيًا أو أيديولوجيًا. وأضاف أن المخطط الإسرائيلي يستهدف إخلاء قرى بأكملها لتوطين يهود مكان السكان العرب.

وأشار زبارقة إلى أن السلطات الإسرائيلية توصلت إلى اتفاق مع بعض أهالي القرى يقضي بإخلائهم تدريجيًا ومنحهم تصاريح بناء في القرى المجاورة، لكن الحكومة تراجعت عن هذا الاتفاق، وتريد الآن الترحيل القسري للسكان دون توفير تصاريح بناء لهم. ولفت زبارقة إلى أن دائرة أراضي إسرائيل قد سلمت أغلب سكان قرية أم الحيران قرارات بالإخلاء والترحيل إلى حي في بلدة حورة، دون أن تمنحهم أي وثائق تثبت ملكيتهم للأراضي.

قضايا عالقة

كان أبناء قرية أم الحيران يعيشون في “خربة سُبالة” في النقب قبل تهجيرهم منها في عام 1948، حيث تنقلوا بين عدة مناطق حتى استقروا في أراضي أم الحيران عام 1956.

في عام 1963، بدأت السلطات الإسرائيلية في تقليص الأراضي التي كان الفلسطينيون يفلحونها، من خلال وضعها تحت إدارة (الصندوق القومي اليهودي) بهدف إقامة أحراش.

وفي عام 1973، قدم أهل القرية دعاوى للمطالبة بالاعتراف بملكيتهم التاريخية للأراضي في “وادي سُبالة”، التي أصبحت تحت سيطرة “كيبوتس شوفال”، لكن القضية لا تزال عالقة في المحاكم الإسرائيلية.

على مدار السنوات الماضية، قامت الجرافات الإسرائيلية بهدم القرية عدة مرات، وعرضت السلطات على السكان الانتقال إلى بلدة حورة القريبة، لكنهم رفضوا تهجيرهم للمرة الثالثة.

وفيما يتعلق بالقضية، نفى القاضي روبنشطاين حدوث تهجير لأهالي قرية أم الحيران، مشيرًا إلى أنه سيتم تقديم “تعويضات وإمكانية السكن في حورة أو في مستوطنة حيران التي ستقام في المكان”.

من جانبه، أكد مركز “عدالة” الحقوقي، الذي يدافع عن حقوق أهالي القرية، أن المحكمة العليا الإسرائيلية قد “منحت الشرعية لمحو قرية بالكامل وتهجير سكانها، متجاهلة الاعتبارات الإنسانية والسياسية والاجتماعية والتاريخية”.

وتبرر السلطات الإسرائيلية إجراءاتها في النقب بعدم وجود تراخيص للبنايات العربية في المنطقة، التي تقول إنها تبلغ نحو 14 ألف كيلومتر مربع، مما يعني مصادرة الدولة نحو 50% من الأراضي العربية.

اخر الأخبار

النساء النازحات في قطاع غزة بين تداعيات الإبادة المستمرة وعبء الشتاء القاسي

تؤكد المنظمة الفلسطينية الدولية للسلام وحقوق الإنسان أن النزوح القسري لسكان قطاع غزة، بما في ذلك النساء، مع حرمانهم من المأوى المناسب والملابس الأساسية، بجانب الحرمان من الغذاء الكافي والرعاية الطبية، يُعد من بين أفعال الإبادة الجماعية. كما تشير المنظمة إلى أن الظروف القاسية في فصل الشتاء تضيف عبئًا ثقيلًا من العنف

إقرأ المزيد »

المجتمع الدولي ومساعي إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي

على مر العقود، بُذلت العديد من المحاولات الدولية لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكنها لم تنجح بعد في تحقيق سلام دائم. شملت هذه الجهود مبادرات دبلوماسية من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والدول الأوروبية، ولكن نتائجها كانت محدودة. من أبرز هذه المحاولات كانت اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، التي كانت تهدف إلى تأسيس قاعدة

إقرأ المزيد »

الاحتلال الإسرائيلي: تأثيره على الحياة اليومية للفلسطينيين

تعيش المجتمعات الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي في ظروف قاسية تعكس التعقيد المستمر للنزاع. ورغم تفاوت الحياة اليومية بين المناطق المختلفة، هناك قواسم مشتركة تؤثر على معظم الأماكن، خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة. في الضفة الغربية، يعاني الفلسطينيون من قيود شديدة على حركتهم. التنقل بين المدن والقرى يتطلب المرور عبر

إقرأ المزيد »